أسماء الله تعالى.

أسماء الله تعالى.

الله سبحانه وتعالى، رب العالمين، يحدث عن نفسه في القرآن الكريم.

تم إنتاج هذا الفيلم ليقوم بالحديث عن الله تعالى، رب السماوات والأرض، من خلال الأسماء التي نزلت في القرآن. ومع ذلك فمن المستحيل لمجرد إنسان واحد أن يستوعب بالكامل معاني أسماء ربنا الذي خلق الكون وجميع الكائنات الحية، والبشر وكل الأشياء.

يصف الفيلم الحقائق التي ظهرت في القرآن فقط، لأننا نحن البشر لا نعرف شيئًا عن أسماء الله تعالى الرائعة غير تلك التي علمنا إياها في القرآن، وهذه الأسماء التي تقع خارج معرفتنا، هي بالطبع مثل أي شيء آخر، محجوبة في علم الله، وقد أخبرنا سبحانه وتعالى في آية من آيات القرآن:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

 " قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " سورة البقرة 32.

أسماء الله تعالى.

العاصم (الحامي

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

"قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ.." سورة هود 43.

البشر مخلوقات واهنة، وقد يواجهون الصعوبات بجميع أنواعها في أي لحظة.

على سبيل المثال، الأرض مكان يمكن أن تحدث فيه كارثة طبيعية في أي وقت، فالفيضانات والأعاصير والزلازل والانفجارات البركانية كلها أمور شائعة.

وهناك أيضًا أحداث تسبب في اضطرابات نفسية. هناك حقيقة واحدة يجب ألّا تنسى وسط كل هذا وهي أنه مهما سعى الإنسان لتحرير نفسه من الضعف، لن يكون معصومًا أبدًا من أي شيء قد يحدث له إلا بمشيئة الله، والله تعالى الرحيم، هو الحامي الوحيد للإنسان، وهو الأمر الموضح في الآية:

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ الله يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ (64)" سورة الأنعام.

غالبية الناس يطلبون المساعدة من الله عندما يصبحون وحدهم تمامًا، أو عندما تعجز الوسائل المادية التي يملكونها عن مساعدتهم، ولكن عندما ينجيهم الله تعالى يصبحون جاحدين وينسون ما حدث لهم.

الأشخاص الذين يعجزون عن فهم أنهم لا يستطيعون إيجاد حافظ لهم في هذا العالم غير الله تعالى، وهؤلاء الذين يستمرون في الجحود رغم مساعدة الله لهم سيذوقون عقابًا أبديًا في الآخرة. والله تعالى يبين ذلك في القرآن كما يلي:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا" سورة النساء 173.

الباعث (الموقظ، الباعث يوم القيامة، مرسل الرسل)

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" سورة البقرة 28.

جميع من يعيشون اليوم أو قد عاشوا في أي وقت مضى هم فانون، والجميع سيموتون ويدفنون في يوم من الأيام، ولكن بالرغم من هذه الحقيقة الواضحة، فالغالبية العظمى من الناس يقللون جدًا من فكرة أنهم ذات يوم سوف يموتون ثم بعد ذلك يبعثون بعد أن يتم دفنهم في الأرض. وفي الحقيقة، ووفقًا للقرآن الكريم، فالكثيرون لا يعطون مصداقية كبيرة للفكرة أصلا.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً (11)" سورة النازعات.

والإجابة على هذا السؤال، الذي سئل في حالة من الجهل الشديد، ذكرت في هذه الكلمات القرآنية:

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)"

 

الله هو الذي خلق جميع البشر لأول مرة، وهو الذي خلق كل شخص عاش في هذه الدنيا بصفات مختلفة، والصفات كثيرة جدًا لدرجة أن ملامح كل فرد على حدة، وصولًا إلى بصمات أصابعه، تختلف من واحد إلى آخر. وليس هناك شك أن الله تعالى الذي أبدع هذا للمرة الأولى، يستطيع أن يفعله مرة ثانية وثالثة وعددًا غير محدود من المرات إذا شاء ذلك. ويبين الله تعالى لنا الدليل على هذا في بعث الحياة الذي يحدث على الأرض.

تمر الطبيعة بنوع من "الوفاة" في بداية كل فصل خريف، وهذه "الوفاة" تستمر خلال شهر الشتاء، ولكن عند حلول فصل الربيع، تظهر الأزهار البراقة والأوراق الخضراء مرة ثانية على فروع الأشجار الجافة، تزدهر الطبيعة وتعود إلى الحياة مرة أخرى. وبالإضافة إلى هذا، فهذا البعث إلى الحياة يحدث بشكل مستمر منذ آلاف السنين.

إنه أمر سهل على الله سبحانه أن يعيد البشر إلى الحياة بعد الموت، وهو تعالى يذكر الشبه بين بعث البشر وبعث الطبيعة في هذه الآية الكريمة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" سورة الروم 50.

معنى آخر لاسم الله "الباعث" هو: الذي يرسل الأنبياء. فالله تعالى قد أرسل رسله لإنذار الناس وتبشيرهم ولدعوتهم إلى الطريق المستقيم، قد أنزل كتبه مع بعض هؤلاء الرسل لهداية الناس من الظلمات إلى النور. ولا شك أن هذه نعمة من الله تعالى، كما يظهر في الآية الكريمة:

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" سورة آل عمران 164.

الباقي (الدائم، الذي لا يموت)

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)" سورة الرحمن.

حميع الكائنات في الكون لها نهاية، فالشخص يولد ويعيش ويموت في نهاية فترة حياته المحددة في هذا العالم.

وهذه النهاية حتمية ومضمونة للجميع، ومثل البشر، فالحيوانات والنباتات أيضًا تنتهي من الوجود لا محالة، مثل البشر، فهم يولدون ثم يموتون واحدًا تلو الآخر.

على سبيل المثال، قد تعيش الشجرة لمئات من السنين، ولكنها في النهاية محكوم عليها بالموت، وكل شيء حي سيعود إلى التراب في النهاية ويزول من الوجود.

ونفس النهاية تنطبق على الجمادات، فالوقت يؤدي إلى إهلاك كل شيء. مثلا، كل ما تبقى لنا من الشعوب التي عاشت حياة عظيمة من آلاف السنين هي الآثار التي تركوها وراءهم. يقول الله تعالى في القرآن:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ" سورة الحج 45.

 

"وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا" سورة مريم 98.

وهذا هو مصير كل الجمادات.

وبالطريقة نفسها، التي تنتهي بها جميع الكائنات، سينتهي العالم نفسه، فكل الأجسام السماوية في الكون، والنجوم والشمس، ستستنفذ طاقتها وتفنى من الوجود، أو سيفني الله تعالى الكون جاعلًا وسيلته حدثًا طبيعيًا آخر، وبهذا يبقى على وعده بشأن يوم الحساب.

كل شيء له نهاية، الكون وجميع المخلوقات.

الله هو الخالق، والخلود يعود له وحده.

الفالق (مقسم البذور، الذي يشق الظلام ويخلق الصباح)

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ(95) فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(96)" سورة الأنعام.

الكثير من النباتات تنمو على الأرض، وجميعها لديها بذور مختلفة، ويمكن للبذور الجافة أن تبقى على حالتها لسنوات عدّة، ولكن عند وضعها في التربة أو في بيئة أخرى صالحة، فهي تتفتح وتبدأ بإخراج البراعم، وفي النهاية تطرح أنواعًا مختلفة من النباتات.

إنه أمر مدهش بالتأكيد أن تخرج كل هذه الأنواع من شيء جاف كهذا، ولنضع في الاعتبار ما هو مطلوب لتنمو البذرة الجافة إلى شجرة:

أولًا، تقوم البذرة بامتصاص المواد الضرورية من التربة وتبدأ في التبرعم.

ولكن من المستحيل أن تقوم البذرة بنفسها بتحديد المواد الضرورية لتمتصها أو تحديد كمية الماء الذي تستفيد به.

إنه شيء مستحيل أن تقوم أنواع مختلفة من الأشجار ذات الزهور براقة الألوان، بشكل عفوي باستخدام تلك المواد، وهذا هو سبب احتياج البذرة لأن تمتلك قدرات فائقة، وليس هناك شك في هذا بالطبع. وهذا كله يفضي إلى أن هناك عقلًا ساميًا هو من خلق هذه البذور بقدراتها الكبيرة، وهو الله تعالى بلا شك، "فالق الحب والنوى". فآلاف الأنواع من الأشجار والنباتات تنمو على الأرض بمشيئته، وهو تعالى يتجلى كخالق كل شيء في هذه الآية القرآنية:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا .." سورة الأنعام 99.

الحفيظ (المُدافع، الراعي، الحافظ)

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ" سورة هود 57.

لقد تم حاليًا إثبات أن العالم أتى إلى الوجود من اللا شيء، وكل المعلومات المأخوذة من الأبحاث تظهر ذلك، وقد كشف العلم أيضًا أن الذرات التي ظهرت مع بداية نشأة الكون من العدم، هي نفس الذرات المكونة اليوم لكل شيء، سواء كان كائنًا حيًّا أو لا.

ويوجد الآن عدد الذرات نفسه الذي كان موجودًا عندما خلق الكون للمرة الأولى، وفي الحقيقة فالذرات التي قذفت بسرعة شديدة في لحظة الخلق، تتكون منها النجوم والأرض وكذلك الهواء في الغلاف الجوي، والماء والتربة، وحتى الجسم البشري. ولكنها تقوم بذلك بلا أي أخطاء بحيث يتوجب وجود قدرة تنظم كل واحدة من هذه الذرات التي يتكون منها الكون.

وفي الواقع فهذا يقودنا إلى حقيقة واحدة فقط:

أن الله تعالى الذي خلق المادة من العدم وبنظام خالٍ من الخطأ، على علم بكل تفصيلة تضمنها خلق هذا النظام، لأنه من المستحيل لمثل هذه المنظومة المعقدة والتي لا تشوبها شائبة، أن تتكون بصورة عشوائية، ولو للحظة واحدة.

وهذه الحقيقة تبين علم الله تعالى الواسع، الذي يحمي ويسيطر على نظام الكون بأكمله.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ .." سورة السجدة 5.

لقد خلق الله تعالى كل شيء من العدم وأقام نظامًا لا تشوبه شائبة، بتنظيم كل دقيقة وكل ثانية من هذا الخلق، وهو تعالى يحافظ على هذا النظام ويرعاه بلا توقف. وحماية الله المستمرة للكون موصوفة في القرآن في هذه الآيات:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)" سورة الفجر.

الحي (الحي، هو الذي يعلم ويقدر على فعل كل شيء)

" هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۗ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)" سورة غافر.

والبشر ضعفاء ويملكون مقدارًا قليلًا من القوة لعمل أي شيء في حياتهم، فهم يقضون أول خمس إلى عشر سنوات منذ لحظة وصولهم إلى هذه الدنيا في حالة متوسطة من الإدراك، وخلال هذه الفترة هم في حاجة مستمرة إلى الرعاية والاهتمام. ثم يتبع ذلك فترة يقضون أكثر أوقاتهم فيها في تنظيف وتزيين أنفسهم، وإن لم تكن لهم رغبة في فعل هذا فقريبا يصبح شكلهم منفرًا.

بالطبع فالبشر وأنواع المخلوقات الحية الأخرى فقط هي الواهنة. ولكن الله تعالى خالق الكون بأكمله والمخلوقات الحية وغير الحية، هو الحي، وهو قوي في كل وقت، مسيطر في كل لحظة، يعلم كل شيء وقادر على فعل أي شيء، لا تعتريه غفلة، وهو تعالى مُنزَّه عن أي ضعف.

لقد أعطى الله تعالى مخلوقاته نقاط ضعف مختلفة وأمرهم أن يقوموا بخدمته وحده وأن يسألوه هو وحده، بأن يكونوا مدركين لهذا الضعف. وواجب البشر هو أن يعرفوا أنهم لا يملكون القوة لعمل أي شيء إلا إذا شاء الله عز وجل، ولا حتى بإمكانهم البقاء أحياء للحظة واحدة، وأن يتوجهوا إلى الله تعالى في كل الأوقات. والله تعالى يبين في إحدى الآيات ويقول:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ .." سورة البقرة 255.

المُحصي (هو الذي يعرف عدد جميع الأشياء، حتى ولو كانت لا نهائية)

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94)" سورة مريم.

الله تعالى يعلم كل شيء خلقه في هذا الكون وحتى أصغر التفاصيل، وهو يسيطر على كل شيء، وقد خلقهم بتفاصيل دقيقة جدًا، بجميع ألوانهم وهيئاتهم وصورهم وخصائصهم، وهذا بالتأكيد علم يستحيل أن يمتلكه إنسان وهو خاص بالله تعالى، رب العالمين. يقول تعالى في القرآن:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)" سورة الملك.

الله تعالى يعلم عدد حبات الرمال في الأرض وعليها، وعدد قطرات المطر التي تسقط وعدد الأسماك التي تعيش في البحار كلها. والله تعالى وحده هو من يعلم عدد البشر الذين عاشوا منذ وقت النبي آدم عليه السلام أو سيعيشون حتى يوم القيامة.

والله تعالى يذكر ما فعله الجميع خلال حياتهم، وجميع أفكارهم، وسيقوم بإخبارهم بها في يوم البعث.

وكل الأفعال سيتم ذكرها حتى أدق التفاصيل الصغيرة، والله تعالى يقول في القرآن:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6)" سورة المجادلة.

المحيي (الذي يهب الحياة، والذي يعطي الصحة، والذي يبعث بعد الموت، وهو الذي ينشئ الحياة)

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56)" سورة يونس.

إعطاء الحياة لشيء ما، وخلقه من العدم وتنظيم ظروف هذا العالم بطريقة معينة تسمح له بالبقاء، هو أمر خاص بالله تعالى وحده.

يجمع الله تعالى خلية البويضة التي لا ترى بالعين المجردة، بالحيوان المنوي، وما إن يدخل الحيوان المنوي إلى البويضة فهي تغطى بغشاء، وهكذا تبدأ الحياة. فالله تعالى يقسم هذه الخلية الحقيقية إلى جزئين أولًا، ثم إلى أربع أجزاء، وهذا التقسيم يتواصل بسرعة كبيرة، وتبدأ معجزة الحياة داخل رحم الأم.

وتتشكل هذه الخلايا لاحقًا لتكون الدماغ والجهاز العصبي والعظام والغضروف، وبهذه الصورة، وفي تسعة أشهر، يخلق الله من العدم إنسانًا يسمع ويتكلم ويرى ويفكر.

وبالطبع فالبويضة والحيوان المنوي لا يمكنهما القيام بهذه الأشياء الإعجازية التي تقع خلال مراحل تطور الكائن الحي، ولكن الله وحده هو من يجمعهما معًا ويرعى الجنين وينشئه في رحم الأم في الشهور التسعة التالية.

وهذا هو أول الخلق وأول خروج إلى الحياة.

وقد خلق الله تعالى أيضًا فترة حياة محددة لجميع البشر، وحدد في أقدارهم يومًا معينًا يموتون فيه، ويخضع البشر في حياتهم هذه الدنيا إلى اختبارات عدّة، حتى يوم مماتهم. عندما يأتي يومهم المحدد، يقبض الله تعالى ارواحهم إليه، ثم يردها إليهم مرة أخرى في الآخرة، حيث يكافئهم على ما عملوا في الدنيا، ولا شك أن هذا كله أمر سهل بالنسبة إلى الله تعالى.

المصور (هو الذي يصور، ويعطي جميع الأشياء شكلها وهيأتها)

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)" سورة الحشر.

يوجد على الأرض أكثر من مائة ألف نوع مختلف من الكائنات الحية، وكلها لديها سمات معينة ويختلف شكلها بالكامل من نوع إلى آخر.

هناك أجنحة الفراشات المتناسقة الخالية من الأخطاء، وكل جناح مزين بمختلف الألوان والأشكال، ومهما كانت تلك الأشكال والألوان معقدة، فالتناسق الفريد في الأجنحة ليس قبيحًا أبدًا.

كل الفراشات لديها جمال يخاطب العين مباشرة، تمامًا كما لو كانت أتت من فرشاة فنان.

وحتى أبسط الرسومات يوجد فنان وراءها، فلا يمكن أبدًا أن تظهر صورة من تلقاء نفسها. وبالطريقة نفسها، فكائن حي لا عيب فيه مثل هذا، يماثل جماله أي عمل فني، أيضًا له خالق، وهذا الخالق هو الله عز وجل رب الكون كله.

والجسم البشري أيضًا يبين رفعة الخلق وعظمة الله تعالى. وكمثال، فالهيكل العظمي الذي يحدد بنية الجسم البشري يعد إعجازًا هندسيًا في حد ذاته، فهو نظام الدعم الهيكلي للجسد، وهو يقوم بحماية أعضاء حيوية كالدماغ والقلب والرئتين، وبدعم الأعضاء الداخلية.

ويمنح الهيكل العظمي قوة حركة رائعة، وهذه الخاصية لا يمكن مطابقتها بأية آلة صناعية.

إضافة إلى ذلك، وعكس ما يعتقده معظم الناس، فالعظام ليست عديمة الحياة، فهي تقوم بتخزين المعادن مثل الكالسيوم والفوسفات، أو توزع المعادن المخزنة مسبقًا، وفقًا لما يحتاجه الجسم.

وتقوم العظام أيضًا بتصنيع خلايا الدم الحمراء، ويعد نظام الهيكل العظمي متعدد الوظائف أحد الأنظمة المحكمة في جسم الإنسان. الله تعالى الذي خلق كل هذه التصاميم الفريدة والذي يستمر بخلقها، يبين لنا دائمًا عظمة قدرته.

ويقول تعالى في الآية القرآنية:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ(50)" سورة طه.

المغني (الذي يمنح الثراء لمن يشاء)

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ (48) سورة النجم.

الغنى الحقيقي لله تعالى وحده، وهو تعالى يُغني من يشاء، بينما يمتحن الآخرين بالفقر لبعض الوقت.

الثروة والممتلكات والمقتنيات التي يستمتع بها الناس في هذه الدنيا هي في الحقيقة ملك لله وحده، ولا يستطيع أحد أن يأخذ أيًا من هذه الممتلكات معه بعد أن يموت، بل سوف يترك وراءه كل ما عمل من أجله وادخره في حياته. والله تعالى يقول هذا في القرآن عن الأشخاص الذين لا يزالون يتباهون بالمقتنيات والثراء الفاحش، والذين يفخرون بغناهم، والذين ينسون ربنا كنتيجة لذلك.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ۚ بَل لَّا يَشْعُرُونَ (56)" سورة المؤمنون.

وقد استخدم رسل الله تعالى الممتلكات التي وهبهم إياها في الأعمال الصالحة التي ترضي الله وتنال رضاه، وأنفقوا كل ما يمتلكون في أغراض تختلف تمامًا عن هؤلاء الذين يفخرون بثروتهم، والذين نسوا الرب الحقيقي لكل شيء.

الله تعالى، رب كل شيء في الكون والخالق الوحيد لجميع الكائنات، يمنح الغنى لمن يشاء في هذه الدنيا، ولكنه يمنح الغنى الحقيقي في الآخرة، وكل المؤمنين الذين يؤمنون به تعالى، والذين يقضون حياتهم في الأعمال الصالحة ويسعون لينالوا رضاه، سيرزقون بغنى كبير في الآخرة، والله تعالى يقول في القرآن عن الجنة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ۖ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا (22)" سورة الإنسان.

ذو الجلال والإكرام (رب العظمة والكرم والسخاء)

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَام" سورة الرحمن 78.

هناك ما لا يحصى من الرحمات التي تسر الإنسان في هذا العالم، فالله تعالى قد زين هذه الدنيا بتفاصيل كثيرة تفرح عباده، ولكنه تعالى يظهر في الجنة كرمه وسخاءه الحقيقيين، فالجنة التي وصفت في القرآن الكريم تبين عظمته تعالى اللا متناهية.

وإحدى الخصائص المميزة للجنة كما ذكرت في القرآن هي أن كل شيء يمكن أن يتمناه الإنسان في الدنيا يتحقق فيها، والجنة مكان يتوفر فيه الطعام والراحة بشكل دائم، وهي ليست باردة جدًا ولا حارة جدًا، وبها القدر المناسب تمامًا من الظل، والله تعالى يُسكن عباده بين الظلال والينابيع في حدائق الجنة رحمة منه. وسيحصل المؤمنون في الجنة على الفاكهة واللحوم التي يرغبون فيها، وهي مزخرفة بالحلي والجمال.

وكما هو موضح في الآيات، فالمؤمنون يدخلون الجنة ليُعطوا بلا حدود، وقد شيدت القصور العالية للمؤمنين في الجنة، والأنهار تجري تحت هذه القصور، وهو يجلسون على عروش منحوتة من الجواهر وينظرون حولهم، فالسخاء المقدم هنا عظيم حقًا، والخدم الذين يمتلكونهم يمشون بينهم بأطباق من فضة. ولباس المؤمنين أيضًا لافت للنظر، ويبينه الله تعالى في القرآن في هذه الآيات:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ" سورة فاطر 33.

والجنة بالتأكيد تفوق هذا الوصف المطروح هنا بكثير، ويبين الله تعالى كرمه اللا متناهي ورحمته في الجنة كما يلي في آيات القرآن:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" سورة الزخرف 71.

"وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا" سورة الإنسان 20.

 

 

 

 


 



DEVAMINI GÖSTER

اعمال ذات صلة