القيم الأخلاقية الراقية للمؤمنين

المذيع:

يتمتع المؤمن بصفات خاصة وأخلاق تبين فضائله، ويفصل لنا القرآن أمثلة لهذه الفضائل، فالمؤمن طائع لله، وهو صبور وعادل ورؤوف ورحيم ومتواضع ومخلص ومتعاون، بالنسبة لأولئك الذين لا يتمسكون بالقيم الأخلاقية للقرآن، قد تختلف هذه الفضائل تبعًا للوقت والظروف والثقافات والأحداث والأشخاص، ولكن الحقيقة هي أنه وفقًا لما جاء به القرآن، فإن النموذج الإسلامي المثالي لا يتغير أبدًا تبعًا للوقت أو الظروف.

سترون في هذا الفيلم أمثلة لسلوكيات وصفها الله في القرآن.

يوضح لنا القرآن أن التواضع سمةٌ من سماتِ الإيمان، في حين أن التفاخر والكِبْرَ من سمات الكافرين، لأن أول ما نتعلمه من القيم الأخلاقية الدينية هو أن كلًا منا ما هو إلا عبد لا حول له ولا قوة، يدرك المؤمنون هذا، وبالتالي يتصرفون بتواضع، أما أولئك الذين يتصفون بالغرور، فيرفضون ما جاء به القرآن من الحق، ولقد وُصِف هؤلاء الناس في القرآن على النحو التالي:

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

" وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ " (سورة النمل : 14)

أمر الله المؤمنين أن يكونوا متواضعين، وبيّن لنا في القرآن أنه لا يحب المستكبرين. هذا في حد ذاته سبب كاف للمؤمنين يجعلهم يتجنبون الكِبْر، ووضح القرآن الكريم أهمية التواضع على النحو التالي:

" فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ " (سورة الحج – الآية 34)

يعتقد المتكبرون أن التعالي قد يكسبهم تقدير الآخرين، ولذا يلجأون إلى المبالغة في مشيهم وحديثهم ومظهرهم، وتظهر علامات الكِبْرِ تلك في طريقة المشي.

يبين الله في القرآن أن المشية المتعالية هي سلوك سيئ، ويذكر النصيحة التي قدمها لقمان (عليه السلام) لابنه في الآية التالية:

" وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ " (سورة لقمان، الآية 18)

يجب ألا ننسى أن الكبر كان السبب في طرد الشيطان من الجنة، ادّعى الشيطان أنه متفوق على جميع الكائنات الأخرى، فمن المستحيل على المؤمن الذي يعرف هذا أن يسلك سلوكًا يشبه سلوك الشيطان الفخور، ويتضح لنا ثواب الذين يتعاملون مع الآخرين بتواضع في الآيات:

" تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ " (القصص، 83)

 

المداومة على شكر الله على نعمه

يعتقد المؤمنون الذين يتحررون من أسر العادات ويتفكرون فيما حولهم أن كل ما يرونه هو نعمة من الله، فهم يعلمون أن كل شيء، العينين والأذنين والجسم، وكل الطعام الذي يأكلونه، والهواء النقي الذي يتنفسونه، والمنازل، والسلع والممتلكات، والأشياء التي يمتلكونها وحتى الكائنات الحية الدقيقة والنجوم قد خلقت لخدمتهم، وهذه النعم هي أكثر من أن تحصى، وكما يكشف ربنا في الآية التالية، فإنه من المستحيل إحصاء كل هذه النعم.

" وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ " (النحل، 18)

يعرف المؤمنون أن الله هو الرحمن الرحيم، لذلك، فهم يتمتعون بنعم الدنيا ضمن الحدود المشروعة، لكنهم لا ينخدعون فينسون الله والآخرة والعيش بالقرآن، إنهم لا ينسون أبدًا أن نعم هذا العالم مؤقتة ومحدودة، وأن هذه النعم ما هي إلا امتحان لنا وأن النعيم الحقيقي في الدار الآخرة.

بالنسبة لشخص يعيش وفقًا لتعاليم القرآن الكريم، تعتبر النعم الدنيوية مثل العقارات والممتلكات والمنصب هي مجرد وسيلة يمكن من خلالها التقرّب لله. يعرف المؤمن أن الله هو المنعم، وأن ما به من نعمة فمن الله، فيفعل كل ما في وسعه لتقديم الشكر لربه الذي خلق هذه النعم، وإظهار تقديره وامتنانه، ويجتهد ليتذكر نعم الله ويخبر الآخرين عنها. يقول الله في سورة الضحى:

" وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ " (سورة الضحى:5-11)

ينتظر بعض الناس حدثًا خاصًا أو حلّ بعض المشاكل الكبرى حتى يقّدموا الشكر لله، ولكن إذا تفكروا للحظة واحدة، فسيعلمون أنه في كل لحظة من حياة الإنسان، تحيط به النعم، في كل لحظة يمنحنا الله عددًا لا يحصى من النعم، مثل الحياة، والصحة، والذكاء، والوعي، والحواسّ الخمسة، والهواء الذي نتنفسه.

البعض يشعر بقيمة النعم فقط حين يحرم منها، بينما يشكر المؤمن ربه في كل حال، إن الله يزيد الثواب للشاكرين.

" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " (سورة ابراهيم: 7)

 

مفهوم الطهارة في القرآن

تعتبر الطهارة من الواجبات الدينية، وهي من أهم العادات التي تليق بالمؤمنين. لذلك، فإن اهتمام المؤمنين بالطهارة كنوع من أنواع العبادة يجعلهم أكثر راحة وسعادة. يبين الله في العديد من الآيات أن على المؤمنين أن يتطهروا، جسديًا ونفسيًا. وقد وردت في القرآن بعض التفاصيل الخاصة بالطهارة.

يختلف مفهوم الطهارة في القيم الأخلاقية الإسلامية عنه في المجتمعات التي تعيش في معزل عن القيم الدينية. أولًا، علينا تطهير النفس بالبعد عن أنماط الحياة التي لا تتوافق مع الأخلاق الإسلامية.

يتخلص الإنسان الطاهر من الأفكار الشريرة والفاسدة، ولا يحمل أبدًا مشاعر الكراهية والحسد والقسوة والأنانية والتي تنتشر بين أولئك الذين يجهلون القيم القرآنية.

يرغب المؤمن في إنشاء بيئة شبيهة بالجنة في هذا العالم، فالمؤمن يسعى للحياة في هذه الدنيا بما وعده الله به في جنته، بقدر ما تتيح له الظروف، ومن خصائص الجنة طهارة أهلها، تصف الآية 24 من سورة الطور أهل الجنة بأنهم " كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ " أما الآية 25 من سورة البقرة فتخبرنا بأن في الجنة " أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ".

يشير القرآن أيضًا لطهارة الملبس بالإضافة إلى طهارة البدن، يقول ربنا لنبيه في القرآن:

" وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ " (سورة المدثر: 4-5)

بالإضافة إلى ذلك، فإن النظافة الشخصية تعكس احترام الإنسان للآخرين، فاحترام الآخرين يحتم علينا الاهتمام بمظهرنا، ليس فقط بتجنب القاذورات، بل أيضًا بحسن المظهر الذي يعكس الاحترام العميق للآخرين، من طرق إظهار الاحترام ارتداء ملابس نظيفة.

يجب أن نكون على بينة مما يلي: يميل الناس عمومًا إلى أن يكونوا في أفضل حالاتهم خلال مقابلة الآخرين أو أثناء محاولتهم ترك انطباع حسن لدى الآخرين، ووفقًا للقيم الأخلاقية للقرآن، يعتبر المؤمنون مثل هذا التأنق أو التجمل يتفق تمامًا مع رغبتهم في إرضاء الله.

يحرص المؤمنون الذين يهتمون بنظافة أجسامهم وملابسهم على أن يحافظوا أيضًا على نظافة ونظام محيطهم، من الأمثلة التي وردت في القرآن على ذلك ما أتى ذكره في سياق قصة نبي الله إبراهيم:

" وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ " (سورة الحج: 26).

كما تشير الآية أيضًا، فإن الحفاظ على نظافة المكان في المقام الأول للمؤمنين الآخرين الذين سوف يؤدون عباداتهم لإرضاء الله، بالتالي يجب على جميع المؤمنين الحفاظ على منازلهم نظيفة ومرتبة، لأن ذلك يشرح قلب المؤمن.

أمر آخر يستدعي العناية الدقيقة، وفقًا للقيم الأخلاقية للمؤمنين، وهو اختيار الأطعمة النظيفة، وهذا هو أيضًا أمر شرعه الله للمؤمنين في القرآن.

" كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ " (البقرة، 57).

" يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ " (البقرة، 168)

بالإضافة إلى ذلك، يذكر الله في قصة أهل الكهف أنهم تخيروا الطعام الزكيّ الطاهر.

" قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ " (الكهف، 19).

في كل مجتمع تقريبًا يوجد أناس ليسوا بمؤمنين ولكنهم لا يزالون يعيشون إلى حد ما وفقًا للقيم التي شرعها الله في القرآن الكريم. عند الحاجة، يمكنهم التصرف بلباقة، وبلطف وبإيثار ورحمة وعدل، ولكنهم قد لا يظهرون أي صبر في أوقات أخرى.

في كل حال وفي كل الظروف، يصرّ المؤمن على التمسك بقيم القرآن في حياته، فيصبر على الذين يقولون ويفعلون أشياءً خاطئة أو مزعجة. فإن الذي يتبنى تعاليم القرآن يدرك أن كل هذه الأمور هي أقدار، فلن يتصرف أبدًا بطريقة غير لائقة، غاضبة أو انفعالية. يوصينا الله سبحانه بذلك في سورة فصلت.

" وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ " (سورة فصلت: 34-35).

 

المؤمنون يكظمون الغيظ

بعض الناس سريعو الغضب، لا يستطيعون كبح جماح غضبهم، فقد يصرخون أو يؤذون أنفسهم أو الآخرين، مثل هذا السلوك يدل على أن الشخص يتصرف بتأثير العاطفة وليس العقل.

تكشف الانفعالية عن نفسها لدى بعض الناس في شكل الغضب والتهيج أو الاعتداء، فصاحب تلك الأخلاق قد يغضب ويتسبب في المشاكل في أية لحظة. على سبيل المثال، قد يبدأ بالصراخ والبكاء عندما يحتل شخص آخر مكانه في موقف السيارات ويبدأ في ركل السيارة، أو إذا اصطدم به أحد بطريق الخطأ وهو يمشي في الطريق فإذا به يدخل في حالة من الغضب العارم المفاجئ، أو أنه قد يغضب ويقول كل أنواع الكلمات الجارحة لطفل له نسي مفتاح المنزل، أو للنادل الذي تأخر في إحضار الفاتورة، أو للسكرتير الذي جعله ينتظر على الهاتف أو لسائقي السيارات الأخرى على الطريق. والشخص الذي لا يستطيع كبح جماح غضبه في الحالات التي يستطيع الناس التعامل معها ببساطة، سيكون رد فعله مبالغ فيه وغير ضروري. ففي معظم الوقت، يؤذون أنفسهم أو من حولهم.

يخبرنا الله في القرأن أن علينا التغلب على الغضب.

" الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " (آل عمران:134).

على الرغم من أن الغضب قد يظهر في صورة ردّ فعل فوري في حالات معينة، إلا أنه يجب على المؤمن أن يتوافق مع الوصف في هذه الآية الكريمة فيحاول السيطرة عليه، وذلك لأن الغضب يغيّب العقل ويعيق التفكير السليم. في مثل هذه الحالة، فإن أيّ شخص قد يتعدّى على حدود الله، يعرف المؤمنون هذا فيعملون على كبح جماح غضبهم في كل الظروف ويتصرفون دائمًا بطريقة معتدلة.

 

              لا حزن ولا أسى

 

خلق الإنسان بطبيعته محبًا للجمال، ويرغب في العيش في سعادة ورفاه، لذلك من الطبيعي أن يرغب الإنسان في التخلص من حالات الحزن في أسرع وقت ممكن، أو يحولها إلى  سعادة. في الواقع، فإن البهجة والسعادة والراحة هي عوامل مهمة لصحة الجسد والروح.

ومع ذلك، فعندما يتصرف الناس وفقًا لمشاعرهم ورغباتهم ومعاييرهم، دون مراعاة لتعاليم القرآن، يصبحون مقهورين من الحزن والقلق والخوف. عندما لا يفهم الإنسان معنى القدر، والخضوع التام لإرادة الله كما يعلمنا القرآن، يصبح في حالة صراع دائم مع القلق الذي ينشأ من عدم معرفته لما سيحدث له أو للمقربين له في أي وقت من الأوقات.

 في حين أنه إذا عاش حياته وفقًا للدين الذي اختاره الله له، وفقًا للقيم القرآنية، فلن يعاني أبدًا من هذا القلق أو أي من هذه الصعوبات الأخرى. يخبرنا الله بهذه الحقيقة من خلال القرآن عندما يقول:

" فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى " (سورة طه: 123-124).

وكما جاء في الآية المذكورة، يبتعد الكثير من الناس عن ذكر الله، ونتيجة لذلك، يعيشون حياة قلقة وغير سعيدة، ويتغلب الخوف على عقولهم بشكل مستمر، يخافون أن يفقدوا وظائفهم فيصبحوا فقراء، أو من التعرض للخداع أو من الإصابة، فعندما يطمحون إلى الثناء، يخشون السخرية، وعندما يطمحون إلى الولاء، يخشون الجحود، يصبحون متشائمين فينتظرون تلقي أخبار سيئة في أية لحظة، أو أن شخصًا ما قد يقول أو يفعل شيئًا يحزنهم، حتى في أسعد اللحظات، يعيشون مع القلق لأنهم لن يستطيعوا أن يحتفظوا بالسعادة إلى الأبد، فتصبح حياتهم جحيمًا.

إن الشخص الذي يقيّم الوضع بشكل سطحي ويتفاعل معه عاطفيًا لن يتمكن من استيعاب أن ما يحدث له الآن قد يصبح في مرحلة لاحقة أمرًا جيدًا بالنسبة له. على سبيل المثال، كيف يعرف الشخص الذي يحزن لأنه لم يستطع اللحاق بحافلته، أنها لن تتعرض لحادث بعد لحظات؟

دعونا نتأمل مثالًا آخر: سائق يخطئ الطريق، فيجد نفسه في الاتجاه الخاطئ، تقييم الوضع على المستوى السطحي من الإدراك يجعله يغضب من نفسه، فتتبخر فرحته لأنه سيضطر للقيادة لمسافة أطول، ومع ذلك، كان الله الذي جعله يتخذ هذا الطريق، كما هو الحال في كل حدث، كان هذا أيضًا قدره.

هناك العديد من هذه الأمثلة في حياتنا اليومية، لذا، من المهم جدًا أن يكون هذا الأمر واضحًا وأن يؤخذ في الاعتبار باستمرار. كل ما يصادفه الإنسان، كبيرًا كان أو صغيرًا، هو من قدر الله، والله يخلق كل شيء لمصلحة المسلمين. فمن الضروري أن نفهم هذا الأمر جيدًا، وألا ننساه أبدًا وأن ننظر إلى كل شيء بعين الحكمة، فنعلم أن الأمر كله خير.

تقييم جميع الأحداث ضمن خطة الله بهذه الطريقة لا يدع مجالًا للحزن على أي شيء، وتلك نعمة عظيمة في الدنيا والآخرة، وسيكون هذا سببًا في تمتع المؤمن بقوة الإرادة والسلام والراحة.

 

 

المذيع:

كما رأينا في الأمثلة المذكورة في هذا الفيلم الوثائقي، فإن الحياة بالقيم الأخلاقية للقرآن الكريم تعتبر مصدرًا لليسر والراحة. هذه هي الطريقة الوحيدة التي تجعل الشخص يربح الدنيا والآخرة معًا. إن الذين يعيشون مع القيم الأخلاقية للقرآن يقضون حياتهم بأكملها كما شكلتهم هذه الفضائل، فهم يتمسكون بدقة بأوامر القرآن ويتجنبون مخالفتها، أخلاقهم ليست مزيفة ولا تتغير وفقًا لما يحيط بهم من أحداث، كما أنهم يظهرون شخصية قوية ويعلمون بأن جميع الأحداث من الله وكلها خير. مع هذه الخصائص، يمكن بسهولة تمييزهم عن العديد من الأفراد الآخرين في المجتمع الذي يعيشون فيه، فهم يتشبهون بأخلاق الأنبياء التي ذكرت في القرآن باعتبارهم قدوة لهم ويسعون لتحقيق الفضائل الأخلاقية المنشودة.

يجب ألا ننسى أننا لكي نستحق دخول الجنة التي وعد الله المؤمنين علينا التمسك بهذه الفضائل، فبهذه الطريقة يمكننا أن نرجو أن يغفر لنا الله خطايانا، ويدخلنا الجنة برحمته.

هذا ما وعد الله المؤمنين في القرآن:

" أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " (سورة يونس: 62-64).



DEVAMINI GÖSTER