الجميعُ خاضعٌ للولايات المتحدة بسبب قوّتها العسكرية

مقتطفات من حوار مباشر للسيد عدنان أوكطار على A9TV في الـ 16 من يونيو 2015

 

عدنان أوكطار: "وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ." (ص،6) إنَّه التعبير عن التمسّك بنظام الدولة (في ذلك الوقت). على سبيل المثال، ما هي العلامة التي تميّز الولايات المتحدة؟ إنّه العَلَم الأمريكي؛ تلك النّجوم، والخطوط المتوازية، وألوان الأحمر والأبيض والأزرق القاتم. وكذلك تلك الإشارات الأخرى التي تحتوي على الكثير من الألوان والتي تدور حولها فلسفتهم. فمثلًا، يرتدي الشبان قمصانًا وسراويلَ بتلك الألوان ويترددون على مطاعمَ مثلها. تطور ثقافتهم وعقليّتهم في هذا النطاق. فمثلًا، لديهم طريقة للضحك، كما لديهم قبّعات رعاة البقر وهي بمثابةِ رمزٍ لتلك الأراضي وهو رمزٌ يتمسّكون به. لديهم تلك الطريقة في الابتسام، وتلك الطريقة في المشي، أسلوب اللامبالاة، طريقتهم في التأديب والعقاب، عقليتهم الظالمة، جميعها مظاهر للتقاليد الكلاسيكية لذلك النظام الوثني. تُرى ماذا تفعل الولايات المتحدة (تلك الدولة العميقة) طوال الوقت؟ إنّهم يقصفون في الحال كل من لا يروق لهم أو يوافقهم الرأي. إنّهم لا يحاولون حتّى تقديم المبرّرات، أو تعزيز التواصل والتقارب مع الآخرين تقديرًا لروح المحبة في الإنجيبل. ذلك أنّ عقليّتهم قد اندمجت وتأقلمت مع فكرة إخضاع الآخرين. إنهم يقومون بلصق كل تلك الألوان مثل البُقع على أنفسهم لأنهم غيرُ قادرين على التخلّص من هذا النظام. إنّها ألوانٌ تعود إلى مئتين وخمسين عامًا لذا فهم غيرُ قادرين على التخلّص منها. الأمر ذاته يحدث في المملكة المتحدة، فالعَلَم البريطاني بألوانه المختلفة، وفلسفته الطاغية، يشير إلى سلطة الدولة وقوّتها، وعقليّة الدولة المستبدّة التي تتسبب في اضطهاد العالم بطرقٍ مختلفة. لهذه الأسباب يرى البعض الولايات المتحدة أعظم من الله عز وجل (وحاشا لله)، ذلك أنّها شيءٌ حسيّ وملموسٌ بالنسبة إليهم. إنّ الله بالنسبةِ إليهم هو عقيدةٌ وإيمان، هم يعتقدون بوجوده، بيد أنّهم لا يرونه. بينما الشيء الذي يقدّسونه ويرهبونه هنا، قادرٌ على قتل النّاس، وقادرٌ أيضًا على إحيائهم، إذا جاز التعبير. فمثلًا، يشعرُ الشخص الذي يحصل على اللجوء في تلك البلاد، بأنه قد نجا وفاز بجنّته. إنّه يشعر حين يحصل على البطاقة الخضراء (جرين كارد)، بأنّه قد صارَ له نصيبٌ من الجنة الأمريكية، وصار بإمكانه العبور من جحيم آسيا إلى جنة أمريكا. إنّهم يرون آسيا كالجحيم، لذا يسعَون باستماتة وجنون، للفوز بالجنة الأمريكية. إنّهم يتصورون أنهم سيجدون السعادةَ هناك. في الواقع، إذا سافر أحدهم إلى أمريكا فإن من حوله ينظرون إليه بغبطةٍ وإعجاب وكأنّه ذاهبٌ إلى الخلود، ثمّ يندبون حظّهم العاثر الّذي لم يمكّنهم من السفر مثله. يقولون ولسان حالهم: "لقد ذهب إلى جنّة الله في أرضه، وأنقذَ نفسه، بينما علِقنا نحن هنا في هذا الجحيم؛ يالَهُ من فَطِنٍ داهية! لقد تصرفنا بحماقة، إذ لم نستطع الهرب وإنقاذ أنفسنا من هذا الجحيم". يَظهر الشخص من أمريكا على شاشة التلفاز، ويقول بزهوٍ وإعجاب: "أنا في أمريكا"، بينما الواقع أنه يعيش هناك في مذلة. إنّه يعيش هناك في حالةٍ بائسة، ومع هذا يُنظَرُ إليه هنا في تركيا بإعجابٍ شديد. إنّه يخرج من المطار بحرَكاته المُفتَعَلة، مرتديًا قبّعة رعاة البقر، إلى آخره. ثمّ يقول: "لقد أتيتُ هنا للزيارة"، مع هذا يتم استقبال تلك الزيارة بحماسٍ شديد لمجرد أنّ صاحبها قادمٌ من أمريكا. إنّهم لا يعدّونه تركيًّا بعد الآن، بل يرونه أسمى وأرفعُ مقامًا. إنّهم يعاملونه وكأنّه باتَ مختلفًا تمامًا معتقدين أنّه قادمٌ من الجنان. ثمّ يسألونه بحماسةٍ لا تخلو من المرارة: "هل بإمكانك مساعدتنا في الخروج أيضًا؟"، آملين في مساعدته، ويائسين في الوقت ذاته. فهم يعتقدون بأنّ من ذهب إلى الجنّة لا يرغب أبدًا في إخراج الآخرين من الجحيم؛ إذ يتذرّعُ دومًا بأنّ الأمرَ بالغُ الصعوبةِ ويتطلّبُ مالًا وفيرًا. على أي حال، فإنّ الله موجودٌ في كلِّ مكان، وأيُّ مكانٍ هو كالجنانِ لمن كان لديه إيمان. أمّا الّذي لا يؤمن بالله فكلُّ مكانٍ هو كالجحيمِ بالنسبة إليه. في الواقع، إنّ أمريكا هي الجحيم. ولكنّها قد تصير جنّةً بالنسبة لمن يتحلّى بالإيمان. وكذلك الأمر بالنسبة لتركيا. أمّا الّذين يبجّلون من يتحدّث باللّهجتين الأمريكية والبريطانية، ومن يتّبع أساليب حياتهم، فإنّ لديه معتقداتٍ وثنيّةٍ غريبة. فمثلًا في المجتمع الإسرائيلي، يقولون: "لقد ذهبتُ إلى إسرائيل وأقمتُ هناك"، وعلى الرغم من أنّ أمريكا وبريطانيا أكثر قوّةً وهيبة، بيد أنَّ الشخص المُقيم في إسرائيل يعدُّ نفسه مقيمًا في دولةٍ قويّة. من جهةٍ أخرى، إنّهم يشفقون على من يذهب إلى روسيا أو الصين، و على الرغم من أنّ السفر إلى هناك يجعلهم أكثر ثراءً لكنَّهم لا يعدّون هذا خلاصًا ونجاة. ذلك أنّهم يرون تلك الدول أقل قوّةً من أمريكا، ولأنّها قادرةٌ على إثبات قوّتها، لذا فهي قادرةٌ على قتل الناس أو إحيائهم داخل مستشفياتهم، إلخ. فالعديد من المرضى الأتراك يذهبون إلى أمريكا لتلقي العلاج؛ إذ يتصوّرون أنّ لأمريكا القدرة على إحياء النّاس. كما أنّها قادرةٌ على قتل النّاس بالقصف الجوّي وقتما شاءت. فلديها مثلًا الطائرات دون الطيّار، كما لديها وكالة المخابرات المركزية وهي بالتالي على درايةٍ بأكثر المعلومات سريّة. لهذا فقط، يتّخذها الناس إلهًا من دون الله. حتى أَنّ البعض يعتقد بقدرة الأمريكان على قراءة الّلا وعي داخل عقول البشر. إذ يتصوّرون أنّ لديهم القدرة على التسلّل داخل أرواح البشر والتأثير عليهم بواسطة الجنّ. إنّهم يتصوّرون أنّ قوّة أمريكا لا حدود لها، لذا فهم يتّخذونها إلهًا. في الواقع، إنّ أمريكا ليست سوى مجتمعٍ يتكوّن من أشخاصٍ بائسين، قد يندهشون من رؤية الآخرين يقومون بتأليههم. أعني أنّه حين ننظر إليهم على انفراد، فسنراهم أشخاصًا عاديين جدًا، ولكنّهم يقومون بتأليه أنفسهم كمجتمعٍ متكامل. لهذا السبب تَرى أولئك الباكستانيين يتظاهرون دومًا بأنّهم بريطانيون. إنّهم يفضلون الأنشطة الرياضية الشائعة بين البريطانيين، ويشربون قهوتهم كما يشربها البريطانيون، ويشربون الشاي في الخامسة كما يفعلون، ويرتدون ستراتٍ مشابهةٍ لستراتهم، ويتحدثون بلهجتهم. إنّهم يميلون كثيرًا للهجة البريطانية، وبمجرد اكتسابهم تلك اللهجة، يصبح كل شيء على مايرام بالنسبة إليهم.

 

بولنت سيزجين: بالنسبة لأمريكا، فقد قاموا بطرح مفهوم الحُلُم الأمريكي في العالمِ بأسره، ويسعى الجميع لبلوغ ذاك الحُلُم.

 

عدنان أوكطار: إنّهم يقصدون الجنّة والخلود بما يسمّونه حُلُماً. ولكنّ الواقع هو أن الشعب الأمريكي في حالةٍ بائسة. إذ يعيش ستون أو سبعون في المائة منهم في فقرٍ شديد، كما أنّهم يعانون من بطش الشُرطة، ولا يحترمُ بعضُهم البعضَ الآخر. لقد ولّى إلى غيرِ رجعة ذلك الشعب الأمريكي الخلوق الطيب.

 

إردم إرتوزون: كما أنهم يعظّمون أمريكا بسبب تقدّمها التكنولوجي الذي بات الهدف المطلق للجميع.

 

عدنان أوكطار: نعم، فلتنظر مثلًأ إلى وادي السليكون؛ يظنّ أحدهم أنّه سيحصل هناك على الخلود، أو سيصبح شيئًا فريدًا من نوعه. أو قد يظنّ أحدهم أنّه سيتحوّل إلى السليكون نفسه، أو إلى جهاز حاسوب يحصل من خلاله على اللّا محدود! إذ أنّ لديهم عقليّات غريبة يصعب التعرّف على ما بداخلها. يحصل 32 مليون شخصًا في أمريكا على غذائهم عن طريق طوابع الغذاء التي تقدمها الدولة. 32 مليون جائع في أمريكا. يالَهُ من بؤس! ثمّ بعد هذا تَرى النَاس يصارعون للذهاب إلى أمريكا ليضافوا إلى قائمة جامعي الطوابع.

 

 

أوكطار بابونا: أولئك معظمهم بلا مأوى، ويعيشون في الشوارع.

 

عدنان أوكطار: نعم، هذا ما نستطيع أن نضرب عليه الكثير والكثير من الأمثلة.

 

إردم إرتوزون: يوصينا الله عز وجل في الآية الكريمة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ" ( البقرة 165)

 

عدنان أوكطار: فلتتلُ الآيةَ مرةً أخرى.

 

إردم إرتوزون: " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ"

 

عدنان أوكطار: إنّهم يُألّهون الآخرين، ويعدّونهم أعظم من الله عز وجل، لذا فهم ينسَونَ الله.



DEVAMINI GÖSTER