3- زيت الزيتون

ETİKETLER:

دوبلاج. هذا الأسبوع، يتّجه الفريق إلى كانكالي، تمتلك هذه المدينة الأناضوليّة التي تقع شمال غرب البلاد، والتي شَهدت على بسالة شهدائنا الشجعان، تمتلك جمالًا طبيعيًّا منقطع النظير، كما أنّ لها تاريخًا عريقًا لا مثيل له. في الأيّام الأولى من فصل الصيف، يكون الطقس غائمًا. ولكن مع تجمّع الغيوم، تبدأ الأمطار بالهطول، فتزداد المنطقةُ خصوبة. أمّا الأنهار الهائجة (00012-14) فهي تغذي تلك الطبيعة الخلّابة التي أبدعها الخالق، وينتشر الأخضر الزاهي في كل مكان. في وجهتنا، عند كوكّويو، يوجد متحف زيت الزيتون الذي أنشأه عدد من رجال الأعمال المتخصصين في إنتاج الزيتون. قبل التوجّه إلى المتحف، يقوم فريق (ماذا لو لم يكن) بزيارة (السوق المعكوس) الذي يظهر اسمه في أغنية كانكالي. إنّه بازار كانكالي العظيم؛ والذي قام بإنشائه العضو البارز في المجتمع اليهودي إليو هاليو في عام 1890. كما تظهر اثنتان من نقوش الأدينو باللغتين العثمانيّة والعبريّة، منقوشتان على بوابة السوق. يقول النقش العثماني بأنّ السوق تمّ بناؤه من قبَل عمّال إليو هاليو وهو عضوٌ بارزٌ في الجالية اليهوديّة الموالية. لقد عانى اليهود فيما مضى، أبشع المآسي في أوروبا، بينما عاشوا بأمانٍ كمجتمعٍ موالٍ في الأراضي العثمانية، التي تسمح بأروع صور الصداقة والتآخي المستمرَّين مع هذه الفئة من أهل الكتاب. ... 00059-00060

والآن مع المحطة الأخيرة في جولتنا، متحف آداتيبي لزيت الزيتون. ... 00112-00114

المذيع: مرحبًا، هذا الأسبوع نحن هنا في كاناكالي Canakkale، وهذا هو متحف زيت الزيتون في كوكوكويو Kucukkuyu، حيث يتمّ إنتاج أجود أنواع زيوت الزيتون وأقلّها حمضيّةً مع نكهتها الفريدةِ من نوعها. بعد قليل، سنقوم معًا بجولةٍ حول المتحف، وسوف نعود معكم بالزمن إلى الوراء. سيكون موضوع نقاشنا هو كيفيّة زراعة ونموّ الزيتون على هذه الأراضي منذ العصور القديمة، ثمّ كيف يتمّ إنتاج وتصدير زيت الزيتون.

يبدأ "ماذا لو لم يكن".

هذه الأداة التي ترونها هنا، هي مكبسٌ يستمدّ طاقته من الإنسان أو الحيوان، وكان يُستخدم في إنتاج الزيت من الزيتون الّذي يتحوّل إلى معجون. مع دوران هذا البرغي العملاق، يتمّ إحداث ضغطٍ كبيرٍ على معجون الزيتون أسفله، فينتُج بذلك زيت الزيتون. إنّها عمليةٌ تمّ تطويرها بواسطة الرومانيين، فقد كانت منطقة الأناضول، هي موطن الحضارات القديمة، لذا فقد ظهرت العديد من البدايات التاريخية من تلك المنطقة.

ما نراه الآن، هو مطحنة الحجر التقليدية. لقد كانت تُستخدم في تحويل الزيتون المنفرد إلى معجون. وكانت تلك العمليّة، تتمّ بواسطة الحيوان أو الإنسان، وكانت الآلة تُستخدم في تلك المنطقة حتى عهدٍ قريب. في الواقع، فإنّ هذه الطواحين الحجريّة لا زالت حتى اليوم، تُستخدم في بعض القرى التي تشارك في إنتاج زيت الزيتون على نطاقٍ ضيّق، داخل منطقة الشرق الأوسط. في الواقع، إذا كان بإمكاننا أن نسافر في الزمن لنعود إلى الماضي، فربما لم نكن لنتفاجأ بالكثير من الأدوات والأجهزة التي قد نراها حينئذ. دعونا الآن نلقي نظرة على هذه الأدوات التي يرجع تاريخها إلى آلاف السنين، ثمّ نتابع.

لقد وُجد الناي البالغ من العمر 67,000 عام، داخل كهفٍ يوجد فيما كان يسمّى جنوب يوغوسلافيا سابقًا، وهو واحدٌ من أقدم الآلات الموسيقية التي اكتُشفت ضمن التنقيبات الأثرية. بوب فينك، وهو العازفُ الموسيقي الذي فحص الناي، اكتشف أنّه بالإضافة إلى الألحان الموسيقية الأربعة التي ينتجها، ينتج كذلك الألحان الكاملة والمنتصفة، كما يُظهر الناي بأن من عاشوا منذ 67,000 عام، استخدموا الألحان السباعيّة التي أسّست قواعد الموسيقى الغربية.

أمّا هذه، فهي بطارية بغداد الشهيرة التي تبلغ من العمر 2000 عام، والتي تمّ اكتشافها في العراق بواسطة عالم آثارٍ ألمانيّ. يحتوي الجزء الداخلي من هذه الجرّة الفخاريّة، والمغطاة بالقار من جهة الفم، يحتوي على قضيبٍ نحاسيٍّ داخل اسطوانة. السطحُ السفليُّ مغطى كذلك باسطوانةٍ نحاسيّة، والقضيبُ النحاسيُّ داخل الاسطوانةِ مثبّتٌ في القار، كما تتدلّى اسطوانةٌ حديديةٌ قصيرةٌ ومعقودةٌ في سدادةِ القار العلوية، تتدلى داخل الاسطوانة النحاسية، لكنّهما لا يتلامسان مطلقًا. إذا امتلأت الجرّة بسائلٍ حمضيّ، نحصل على البطّارية المنتِجة الحالية. لقد تمّ بالفعل الحصول على طاقةٍ بمقدار 1.5 وحتى 2 فولت، في تجارب استخدمت نُسخًا مماثلةً حديثة من بطارية بغداد. يُعدُ هذا الاكتشاف من أقوى البراهين على استخدام التيّار الكهربائي في العصور القديمة.  

نستنتج من هذه الأمثلة، ومن نتائج التنقيبات الأثرية التي يعود تاريخها إلى عشرات الآلاف من السنين، بأنّ أصحاب الحضارات القديمة، كانوا خبراءَ في صناعة الأدوات والمعدّات.

سونوسو: نعم، كما رأيتم، تظهر النتائج التاريخية بأن الناس في الماضي كانوا مثلنا تمامًا. فقد كانت جميع احتياجاتهم، وحياتهم الاجتماعية، ومنازلهم، والأشياء التي ينتجونها، مشابهةً تمامًا لما لدينا اليوم. ألا تذكرون كيف أظهرت لنا المنازل المكشوفة خلال عمليات التنقيب في كاتالهويوك، أظهرت لنا آثار المنازل المحلية التي بإمكاننا رؤيتها حتى الآن، في أجزاء مختلفة من منطقة الأناضول؟ فترى المدخل عبر السقف، والفناء في وسط البيت، والأفران الحجرية منقوشةً بالزخارف المحليّة. إذا كان بإمكاننا العودة بالزمن إلى الوراء، كما في الأفلام، لما كان لأحدٍ عاش يومًا في كاتالهويوك، أن يشعر بالغربة من قريةٍ في الأناضول اليوم، تمامًا كما لا نشعر بالدهشةِ حين نرى ما يتمّ استخراجه من عمليات التنقيب في كاتالهويوك. لقد قاموا كذلك ببناء المنازل الحجرية، وصناعة الملاعق الخشبية، والأفران الحجرية، وأدوات المائدة الخزفية، تماشيًا مع الظروف الجغرافية. كما تثبت البراهين القويّة بأنّهم أتقنوا بمهارةٍ الزراعةَ وتربيةَ المواشي. على سبيل المثال، فقد اكتُشفت قطعة من الكتّان المنسوجة بعناية في كاتالهويوك، وكانت مذهلةً جدًا. نعم، إنّها حقيقة، فقد تمّ العثورُعلى قطعةٍ من القماش بعمر 9000 عام في كاتالهويوك، العامَ الماضي. والآن، وقد أثَرنا فضولكم، دعونا نرى كيف تمّ العثور على هذه القطعة من القماش، وكيف تمّ نسجها؛ ثمّ لنكمل البحث في هذا المكان الرائع.

دوبلاج. في السنواتِ الأخيرة، وخلال عمليّات التنقيب في كاتالهويوك، اكتشف علماء الآثار، قطعةً من قماش الكتّان بقيت محفوظةً داخل صندوقٍ لمدّة 9000 عام. لقد أكّد المتخصصون الذين قاموا بفحص القطعة، بأنّها منسوجةٌ بدقّةٍ على الطرازِ الشرقيّ، ما يعني أنّه قد تمّ نقلها من سوريا إلى كاتالهويوك. لقد كان من المثير حقًا، أن يتمّ العثور على آثارٍ تحت الأرض، لتجارة المنسوجات التي يعود تاريخها إلى 9000 عام. فلنَقُم للحظةٍ بتحديث وتنشيط ذاكرتنا فيما يتعلق بتلك الفترة الزمنية. يقوم تاجرُ أقمشةٍ في مدينةٍ سورية، ولنقل حلب وذلك لاشتهارها بأسواقها وتجّارها، يقوم بالتخطيط لبيع أنسجة القماش التي أنتجها، إلى أهل كاتالهويوك، الذين بنوا حضارةً رائعةً في الأناضول. إذا كان تجّار الأقمشة في سوريا، يقومون بحمل البضائع إلى الأناضول، فذلك يعني أنّ سمعة الحضارة الغنية والشامخة لأهل كاتالهويوك، قد طرقت آذانهم. إنّ جودة قطعة القماش التي تمّ استخراجها، أمرٌ بالغُ الأهميّة أيضًا. يقول قائد الحفر، البروفيسور هودر، بأنّ هذه ليست قطعة قماشٍ منسوجةً بفجاجةٍ أو بأدواتٍ عشوائية، بل بدقةٍ بالغة. "لا يمكن لمثل تلك القطعة أن يتمّ نسجها بتلك الجودة، إلّا بترقيق الخيط قدر الإمكان، وباستخدام تقنيات النسيج المتقدمة وذات الجودة العالية"، وبما أنّ عدد المُكتَشفات الأثريّة التي يتمّ استخراجها آخذٌ في الازدياد، إذًا تتغير تبعًا لذلك، المعلومات التي تعلّمناها عن الماضي. فقد علّمتنا المدارس، بأنّ من عاشوا في العصور القديمة كانوا ساكني كهوفٍ بسطاء، شُعثَ الشعورِ واللّحى، شخيرهم كالحيوانات، وذوي أدواتٍ حجريّةٍ في أيديهم. على أي حال، فإنّ كلّ اكتشافٍ أثريٍّ جديد، يثبت لنا النقيض تمامًا، لتلك التصوّرات المتخيَّلة. لقد كان البشر دومًا أذكياء، منتجين واجتماعيّين. كما كان الفنّ والتجارة والإنتاج دومًا جزءًا من حياة الإنسان. وكما نرى فإنّ تطورًا حضاريًّا من البدائية إلى مجتمعٍ أكثر تقدمًا، لم يحدث قط.

المذيع: على الرغم من كونه عملًا مرهقًا للغاية، بيد أن الإنتاج والاستخدام الواسع النطاق لزيت الزيتون منذ القدم، لا يرجع بالطبع إلى مذاقه المميز فقط، بل إلى قيمته الغذائية كذلك، إذ أنه له دور فعّال في تنظيم النظام الغذائي للإنسان. إنّه أفضل ما يوصى به لصحة القلب. ولأنه مقاومٌ للحرارة، لذا فهو لا يتحوّل إلى أحماضٍ دهنيةٍ ضارّةٍ حين يتمّ استخدامه في الأطعمة المطبوخة. إنّه يحتوي على أحماض الأوميجا 3 بنسبةٍ أكبر من الزيوت الأخرى، لذا فهو هامٌّ جدًا لصحة القلب والأوعية الدموية. فلنذكر الآن نبذةً عن سبب أهميّة زيت الزيتون لصحتنا، وعن القيمة الغذائية لمحتوياته، ثمّ نتابع البحث في هذا المتحف المُبهج.

يُعدّ زيت الزيتون بفوائده الغذائية، معجزةً تحمي صحة الإنسان. إذ يحتوي على أحماضٍ دهنيّةٍ مناسبة تمامًا لتلبية احتياجات أجسامنا. إنّه يحتوي على مركباتٍ دهنيةٍ مماثلةٍ لتلك الموجودة في حليب الأم. فمعظم أحماضه الدهنية، هي دهون أحادية غير مشبعة، وهي دهون لا تحتوي على الكوليسترول. وبالتالي فإنّ زيت الزيتون لا يرفع نسبة الكوليسترول في الدم، بل يبقيها تحت السيطرة. وقد أظهرت الدراسات بأن الأشخاص الذين يتناولون ملعقتين مائدة من زيت الزيتون يوميًا لمدة أسبوع، يمتلكون نسبةً أقل من الكوليسترول الضارّ، ونسبةً أعلى من مضادّات الأكسدة.

إنّ مستويات الأحماض الدهنيّة الموجودة في زيت الزيتون، وهي الأوميجا 6 والأوميجا 3، هي فقط ما يحتاجه الجسم. من المهم جدًا أن يتم استهلاك تلك الأحماض الدهنية، في نسبٍ محددة. من الممكن أن يسبب الخلل في هذه النّسب، عددًا من المشاكل الصحية، مثل أمراض القلب والشرايين، وأمراض الجهاز المناعي وبعض أنواع السرطان.

بالإضافة إلى كل ذلك، فقد ثبت علميًا مساهمة الزيتون في نموّ العظام، وتجديد الخلايا، وذلك لمنع التهاب المفاصل، وخفض ضغط الدم وقمع الخلايا السرطانية. إنّ وجود ثمرة صغيرة لها فائدة صحية هائلة ما هو إلّا نعمة من نعم الله التي لا تُعدّ ولا تُحصى، فلولاها لحرمنا من نعمة تنظيم المستويات المطلوبة من الأحماض الدهنيّة في أجسامنا.

المذيع: نعم، إنّ الزيتون وزيت الزيتون طعامٌ رائع. ولكن هل تعلم أنّ القرآن كذلك، يشير إلى زيت الزيتون في ستِّ آياتٍ كاملة؟ الأمر الذي يدلّ على فوائده الصحيّة العظيمة. بالإضافة إلى ذلك، فإننا نعلم من الأحاديث النبويّة بأنّ الرسول عليه الصلاة والسلام مدح الزيتون وزيت الزيتون، وأوصى النّاس بأكلهما. تتحدث الآية 20 من سورة المؤمنون عن: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ). دعونا الآن نرى كيف تمّت الإشارة إلى الزيتون الرائع من حيث الطعم والقيمة الغذائية في القرآن الكريم.

إنّ الزيتون هو أحد الأطعمة التي أشار الله إليها في القرآن، وذلك بفضل قيمته الغذائية العالية، وقدرته على الوقاية من بعض الأمراض، وهذا ما تمّ اكتشافه في السنوات الأخيرة. كذلك القرآن، منذ 1400 عام يلفت انتباهنا إلى هذه النّعمة العظيمة.

في سورة التين يقسم الله بالـ "التّينِ والزيتون".

وفي آيةٍ أخرى ذُكر فيها الزيتون، يدعونا الله لإجراء البحوث العلمية على النّعم التي خلقها لنا.

وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۗ انظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. (الأنعام-99).

كما يذكر الله في هذه الآية، فقد أظهرت الكثير من الأبحاث الحديثة، بأنّ للزيتون وزيت الزيتون فوائد صحية عديدة. آيةٌ أخرى في القرآن الكريم تنعت شجرة الزيتون بالـ (شجرة المباركة) وتتحدث كذلك عن الزيت الذي يتمّ استخراجه من الزيتون:

اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. (النّور-35).

كما أشارت الآية في كلمة "زيتونة" أي زيت الزيتون، فإنّ له فوائد صحيّة عظيمة، لا سيّما للقلب والأوعية الدموية. كما تمّ نعت الزّيتونة بـ "المباركة" كتأكيدٍ على فوائدها الصحية بالنسبة للإنسان.

المذيع: تشير المصادر التاريخية المختلفة إلى أن تاريخ الزيتون يرجع إلى 8000 عام. كما تمّ ذكر أشجار الزيتون وفوائد زيت الزيتون في جميع عصور التاريخ، من اليونان القديمة ومصر إلى الرومان وحضارات آسيا الصغرى. تعود أقدم حفريات بذور وأوراق الزيتون إلى 3700 عام قبل الميلاد، وكانت قد اكتُشفت ضمن الحفريّات الأثرية في جزيرة سانتوريني في بحر إيجة. كما يعود تاريخ أقدم الأدوات المُستخدمة في معالجة الزيتون في الأناضول إلى 2000-3000 عام قبل الميلاد. لقد تمّ اكتشاف العديد من الأدوات والأجهزة المصمّمة بذكاء لإنتاج زيت الزيتون في تلّ ليمانتيب. فلنشاهد الآن فيلمًا قصيرًا عن الأنظمة التي استخدمها المنتجون الأوائل لزيت الزيتون، ثمّ سيكون علينا أن نودّع هذا المكان الرائع.

لقد وُجدت مناجم الزيتون خلال العديد من التنقيبات الأثريّة في الأناضول، فقد تمّت زراعته منذ العصور القديمة جدًا في مناطق مثل  أسوس، وكيليكيا وقبرص وجزر بحر إيجة. كما اكتُشفت مصانع زيت الزيتون في مدينة كانلي ديفاني القديمة في مرسين، وكان ذلك من أبرز الاكتشافات على الإطلاق. فقد كان يتكوّن من مصنعٍ قديمٍ لمعالجة الزيتون، كما أظهرت الأدوات التي تمّ التنقيب عنها بأنّ الزيتون كان يُضغط ابتداءً على خشبةٍ ضاغطة، ما إن تُسحق البذور، يتمّ غسل الجزء الطري من الزيتون بالماء الساخن، ثمّ يتمّ تخزينه في الجِرار. كذلك يتمّ تصدير فائض الإنتاج إلى مناطق أخرى في الميناء.

كذلك، تمّ اكتشاف مصانع أخرى لمعالجة زيت الزيتون منذ العصور القديمة خلال التنقيبات الأثرية الأخرى. بعد حصد الزيتون من الأشجار، يتمّ تحويله إلى زيت الزيتون بعد ثلاثِ مراحل منفصلة من الإنتاج. الجِرار المزدوجة المعروفة باسم pithoi وهو اسم يوناني يعني "الجرار"، والصهاريج جيّدة التخزين والمنحوتة من الصخور، كانت تُستخدم لتسمح لباقي المواد الموجودة في زيت الزيتون بالترسب في القاع. كذلك، تمّ العثور على بعض الأدوات والأجهزة المُستخدمة في كبس الزيتون، وفي فصل الزيت عن الماء، وفي تخزين ونقل زيت الزيتون، في مناطق مختلفة من الأناضول. هناك أيضًا أحجار الرّحى التي يديرها الحيوان أو الإنسان، والتي كانت تُستخدم في الأناضول لسحق الزيتون وإنتاج زيت الزيتون حتى عهدٍ قريب. بإمكاننا رؤية توظيف الذكاء البشري، لتلبية احتياجات الإنسان وحلّ مشاكله، على مرّ العصور. فبالرّغم من أنّ الأدوات قد تتفاوت أحيانًا لتفاوت الظروف الطبيعيّة والعوامل البيئيّة والموارد الماديّة، ولكنّنا لا زلنا نرى استخدام حلول مماثلة لمشاكل مماثلة منذ 10,000 عام و20,000 عام.

المذيع: للأسف، يبدو أنّنا قد وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج (ماذا لو لم يكن)، وكما رأيتم فقد احتلّ الزيتون وزيت الزيتون مكانةً هامّة عند جميع الثقافات، وفي مساحات واسعة من الأراضي. لقد منحنا الله الخالق هذا الغذاء الهامّ، مع طعمه الرائع ورائحته الجذّابة وتنوّعه الكثير، وأنعم به علينا. اليوم، يتمّ استخراج الزيوت من العديد من المواد الغذائية، بيد أنّ تلك الزيوت لا تحمل ذات الفائدة التي يحملها زيت الزيتون. لذا، دعونا نحمي أشجار الزيتون، لنتمتّع بزيتونٍ أكثر وفرة وأعلى جودة. علينا أن نقدّر تلك النعمة كما ينبغي، وألّا نقصّر في شكر الله عز وجلّ على هذه النّعمة العظيمة. نتطلّع لرؤيتكم الأسبوع القادم، ومع حلقةٍ جديدة.

 


 



DEVAMINI GÖSTER