معجزات القرآن الإعجاز العلمي في القرآن – جـ 2

منذ 14 قرنًا، أُرسِل كتاب مقدس من عند الله إلى البشرية: القرآن الكريم.

سيظل القرآن هو المرشد الأخير والوحيد للبشرية منذ أُوحِي وحتى يوم القيامة.

هناك إثباتات لا حصر لها على أن القرآن هو كلام الله.

في الفيلم الأول، تم دراسة وبيان بعض المعجزات العلمية في القرآن كأدلّة.

سنستمر في هذا الفيلم  في استكشاف المزيد من المعجزات العلمية في القرآن، والتي تثبث أنه كلام الله.

سنرى العديد من الحقائق العلمية التي لم نتوصل إليها إلا حديثًا باستخدام التكنولوجيا الحالية، بينما ذُكِرَت في كتابنا منذ أربعة عشر قرنًا؛ من طبقات الأرض إلى زحزحة القارات، ومن جنس المولود إلى الجسيمات دون الذرية.

 

فصل السماوات والأرض

تثبت نظرية الانفجار العظيم - التي قبِلَها العالم بالإجماع في القرن العشرين - نشأة الكون عبر انفجار عظيم.

أظهرت إحدى آيات القرآن هذا الأمر منذ 1400 سنة مضت.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

"أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ" سورة الأنبياء 30.

"الرتق"  في اللغة العربية يشير إلى الاتصال والالتحام بين شيئين، أما "ففتقناهما" أي فصلناهما.

هنا يتم شرح حقيقة علمية مهمة للغاية: "فصل السماوات والأرض".

من المثير للاهتمام أن في اللحظات الأولى من الانفجار العظيم كان الكون كله مجموعًا في نقطة واحدة.

"السماوات والأرض" الذين لم يُخلقوا بعد، كانوا في نقطة واحدة، ثم حدث الانفجارالعنيف الذي أدى إلى تفرُّق المادة الموجودة في هذه النقطة، كما تصف الآية.

بالطبع لم يكن لدى البشر الذين عاشوا منذ أربعة عشر قرنًا هذا القدر من المعرفة العلمية أو التقنية لمعرفة أن الأرض، الشمس، القمر والنجوم، وكل ما بدا لهم أو خفي عنهم في السماء كان موجودًا في نقطة واحدة في البداية.

 

السماء المحفوظة

 

يلفت القرآن انتباهنا إلى إحدى سمات السماء المميزة.

"وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ" سورة الأنبياء 32.

طبيعة السماء الحافظة التي كشف عنها القرآن لم يتم اكتشافها إلا في عصرنا.

يقوم الغلاف الجوي المحيط بالأرض بحمايتها من الأخطار المميتة، بالإضافة إلى تدميره للنيازك على اختلاف أحجامها حين تقترب، مانعًا إياها من الوصول للأرض وإيذاء الحياة عليها.

كما يقوم بتنقية أشعة الضوء القادمة من الفضاء التي قد تؤذي الكائنات الحية.

يقوم الغلاف الجوي أيضًا بحماية الأرض من صقيع الفضاء والذي قد تصل حرارته لـ ( 270- ) درجة سلزيوس، أو (450-) فهرنهايت.

بالإضافة للغلاف الجوي، هناك طبقة أخرى يسببها المجال المغناطيسي للأرض، تعمل كدرع ضد الإشعاعات الضارة التي تهدد كوكبنا: أحزمة فان آلن!

تقوم أحزمة فان آلن بحماية الحياة على الأرض من انفجارات الطاقة العملاقة، المعروفة باسم الشعلات الشمسية والتي تحدث في الشمس عادة.

باختصار، هناك نظام متقن يعمل بفاعلية فوق الأرض، وهو يحيط بالعالم حاميًا إياه من التهديدات الخارجية.

من المثير للدهشة الإشارة إلى هذا في القرآن منذ ألف وربعمائة عام.

من الآيات الأخرى التي تخبرنا عن نفس المعلومات:

"الذي جعل لكم الأرض فراشًا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقًا لكم فلا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون" سورة البقرة 22.

هنا توصف السماء بالبناء، وبالإضافة إلى معنى "السقف" أو "القبة"، تحمل هذه الكلمة معنى آخر: نوع من الغطاء الشبيه بالخيمة التي كان يستخدمها الأعراب.

تشبيه السماء بهذا النسيج القريب من الخيمة، يؤكد على دورها في حماية الأرض من التهديدات الخارجية، هذه هي الحماية التي يقدمها الغلاف الجوي ضد النيازك والأشعة الكونية.

لقد أخبر القرآن منذ أربعة عشر قرنًا بهذه الحقائق التي توصل إليها الإنسان بعد أبحاث علمية مطولة، أخبر بها في زمن لم يكن فيه سفن فضائية أو تليسكوبات عملاقة.

 

طبقات الأرض

تتكون الأرض من سبع طبقات.

الطبقة الأولى هي الغلاف المائي الذي يضم كل المساحات المائية على سطح الأرض.

الطبقة الثانية: الليثوسفير، وهي الطبقة الصخرية الصلبة المكوِنَة لسطح الأرض. يبلغ متوسط سمك هذه الطبقة 80 كيلومترًا وهي أكثر برودة وصلابة من الطبقات الأخرى مما يسمح لها بتكوين قشرة الأرض.

الطبقة الثالثة: أسينوسفير، المكونة من مواد شبه صلبة، قابلة للانصهار.

الطبقتين الرابعة والخامسة هما الوشاح العلوي والوشاح السفلي، المصنوعان من صخور شبه صلبة، مكونين منطقة مرتفعة الحرارة، ذات سُمك يقارب 2900 كم.

بينما يتكون لبّ الأرض من جزئين: النواة الخارجية السائلة ذات السمك المقارب لـ 2200 كم، والنواة الداخلية الصلبة التي يبلغ سمكها 1250 كم، وتشكلان الطبقات السادسة والسابعة على التوالي.

معرفة طبقات الأرض بهذه الكيفية لم تتوفر إلا بعد أبحاث مطولة باستخدام تقنيات القرن العشرين، رغم ذلك أخبر بها الله في القرآن الذي امتلأ بالإعجاز العلمي، منذ أربعة عشر قرنًا: ‏"‏اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنـزلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا‏" سورة الطلاق 12.

 

الجبال المتحركة

في بداية القرن العشرين، قدم العالم الألماني ألفريد فيجنر نظريته التي افترضت اتصال قارات الأرض حين تكونت، ثم انجرافها بعد ذلك في اتجاهات مختلفة، متسببة في انفصالهم.

لم يتم إثبات نظرية فيجنر إلا في الثمانينات، حين تم اكتشاف الحركة المستمرة لستٍ من الصفائح الرئيسية والعديد من الصفائح الصغيرة، المكونة لقشرة الأرض والجزء الخارجي من الوشاح.

تبعًا لنظرية الصفائح التكتونية، فإن هذه الصفائح تتحرك حاملة معها القارات وقاع المحيط، من 1 إلى 5 سم في العام تبعًا للقياسات، مما يتسبب في تغيير بطيء لجغرافية الأرض.

سعة المحيط الأطلنطي مثلًا تزداد ازديادًا طفيفًا كل عام، ولم يكتشف العلم ذلك إلا مؤخرًا.

بينما كُشِفَت في القرآن منذ أربعة عشر قرنًا، كواحدة أخرى من معجزاته.

"وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" سورة النمل 88.

 أشار الله إلى حركة الجبال في إحدى آيات القرآن. اليوم، يستخدم العلماء مصطلح "الانجراف القاري" لوصف هذه الحركة.

إن الكشف عن هذه الحقيقة العلمية في القرن السابع، حين كانت التصورات عن طبيعة الكون مبنية على الأساطير والخرافات، هي من دون شك معجزة، كما أن هذا إثبات آخر على أن القرآن هو كلام الله.

 

نقص الأرض من أطرافها

 

تتكون الطبقة الخارجية من الغلاف الجوي للأرض من العديد من الغازات، خاصة الأكسجين، إلا أن انفجارات الطاقة على الشمس تتسبب في تناثر بعض هذه الغازات للفضاء.

حصل الباحثون على دليلهم الملموس الأول بفضل المركبة الفضائية التابعة لناسا.

 في 24-25 سبتمبر 1998، لوحظ للمرة الأولى فقد الأرض لجزء من مادتها عبر طبقاتها الخارجية.

بعبارة أخرى، حدث هذا بعد 14 قرنًا من الإخبار بها في القرآن:

"أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا..." سورة الرعد 41.

"...أفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ..." سورة الأنبياء 44.

ربما تشير هذه الآيات أيضًا إلى نقص الأرض من منظور آخر.

في الوقت الحالي، يزداد مستوى المياه في المحيطات نتيجة لذوبان الغطاء الجليدي القطبي، مما يؤدي إلى غرق المناطق الساحلية، وبالتالي نقص المساحة الإجمالية لليابسة.

ربما يشير تعبير الآيات "ننقصها من أطرافها" إلى غرق المناطق الساحلية.

الله أعلم!

 

ثنائية الخلق

 

قام الفيزيائي البريطاني الحائز على جائزة نوبل للفيزياء 1936 بأحد الاكتشافات المهمة، وهو الكشف عن الثنائية المعروفة بالمادة ونقيض المادة.

يحمل نقيض المادة خصائص معاكسة للمادة، على سبيل المثال: على عكس المادة، تحمل الإلكترونات في نقيض المادة شحنة موجبة، بينما تحمل البروتونات شحنة كهربية سالبة.

لم يكن أحد على دراية بهذه الحقيقة العلمية حين أشار إليها القرآن منذ 1400 عام، حين أشار بوضوح أن الله خلق زوجين من كل شيء في الكون، تشير هذه الآية في القرآن لذلك: "سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ" سورة يس 36.

 

الجسيمات دون الذرية

حتى خمسين عامًا مضت، كانت النظرية السائدة هي أن البروتونات والنيوترونات هما أصغر الجسيمات التي تشكل الذرة، لكن تقدم العلم والتقنيات نفت ذلك.

تم اكتشاف أن الذرة المعروفة بكونها أصغر وحدة بناء للمادة، يمكن تقسيمها إلى مكونات فرعية أصغر!

بزغ فرع من الفيزياء تخصص في دراسة هذه الجسيمات الفرعية، وسلوكها الاستثنائي: فيزياء الجسيمات.

كشفت أبحاث "فيزياء الجسيمات" أن البروتونات والنيوترونات المكونين للذرة، يتكونان من جسيمات فرعية تُعرف بـ "كوارك".

لم تبرز هذه الحقيقة في القرن الماضي فقط، بل كُشفت في القرآن: "...عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" سورة سبأ 3.

في آية أخرى، يخبرنا الله:

"...ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ" سورة يونس 61.

تشير هذه الآية "للذرة" وما يقل عنها. لقد أُرسِل إلى البشرية حقيقة وجود جسيمات أصغر من الذرة منذ أربعة عشر قرنًا في القرآن.

 

الثقوب السوداء

 

شهد القرن العشرون اكتشافات عظيمة بخصوص الظواهر الفلكية في الكون، كانت الثقوب السوداء مِن هذه الاكتشافات.

حين يستهلك النجم وَقوده، ينهار بداخل ذاته، مُتَحَوِلًا إلى منطقة ذات كثافة لا نهائية، بلا حجم، ومجال مغناطيسي شديد القوة.

هذا هو الثقب الأسود.

لا نستطيع رؤية الثقوب السوداء مهما بلغت قوة التليسكوبات المستخدمة، إذ أن جاذبيتها من القوة بحيث لا تسمح حتى بهروب الضوء من مجالها.

لكن يمكننا - رغم ذلك - إدراك وجودها عن طريق التأثير المغناطيسي على المنطقة المحيطة.

في القرآن، يجذب الله انتباهنا إلى هذا الأمر عن طريق القسم بمواقع النجوم: "فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ" سورة الواقعة 75-76.

تمتلك كل النجوم ذات الكتل الكبرى القدرة على إيجاد حقل جاذبية في الفضاء. تزداد كثافة الثقب الأسود باستمرار، وبالتالي قوة جاذبيته مما يؤدي إلى سحب كل ما حوله أو ما يمر به إلى داخله، مما يجعله مشابهًا لثقب فضائي يسحب كل ما حوله، لهذا يُعرف بالثقب الأسود.

هذه المعلومة عن النجوم في القرآن تثير التأمل أيضًا: السَّمَاء وَالطَّارِقِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ، النَّجْمُ الثَّاقِبُ" سورة الطارق 1-3.

 

الاشتعال بدون نيران

 

الكهرباء، هي واحدة من أعظم الاكتشافات في تاريخ العالم. تنير الكهرباء معظم العالم عن طريق المصابيح.

في الحقيقة، لقد أشير إلى هذا الاكتشاف في القرآن منذ أربعة عشر قرنًا:

"اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" سورة النور 35.

تشير هذه الآية إلى شيء ينشر الضوء، ويبدو أن هذا الجسم يشير إلى المصابيح الكهربائية التي يتم استخدامها الآن في كل مكان في العالم تقريبًا.

المصباح هو جسم يلمع كالنجم وينشر الضوء وهو بداخل زجاج، مما يتماشى تمامًا مع وصف الآية.

كما أن استخدام هذا الجسم الناشر للضوء لوقود لا ينتمي للشرق أو الغرب، ربما يشير إلى عدم وجود أبعاد مادية له. الكهرباء التي توقد المصابيح ليس لها بعد مادي، بل هي طاقة.

بالإضافة إلى إن المصابيح الكهربائية تنير دون وقود، على العكس المصابيح التي تستخدم الزيت أو الغاز، مما يتماشى مع وصف الآية.

في ضوء هذه المعلومات، ربما يمكن تخمين إشارة هذه الآية للمصابيح الكهربائية، أحد أعظم الاختراعات.

الله أعلم!

 

 الرياح المُلَّقحة

 

في إحدى آيات القرآن، ذُكِرَت قدرة الرياح على "التلقيح"، وتكوين الأمطار: "أَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ" سورة الحجر 22.

هذه الحقيقة المذكورة في القرآن، لم تُعرف إلا في بدايات القرن العشرين، حتى ذلك الوقت كانت العلاقة الوحيدة المعروفة بين الرياح والأمطار هي دور الرياح في حركة السحب.

اليوم أثبتت نتائج أبحاث الأرصاد الجوية دور الرياح في تكوين الأمطار.

تبعًا لهذه النتائج، يوجد عدد كبير من فقاعات الهواء على سطح المحيطات والبحار، تتكون هذه الفقاعات نتيجة لحركة المياه. وعند انفجار هذه الفقاعات، تنتشر في الهواء آلاف الجسيمات الدقيقة، بقطر يبلغ واحد على المائة من المليمتر.

تُعرَف هذه الجسيمات باسم "الهباء الجوي"، وتمتزج بالتراب الذي حملته الرياح من اليابسة، ثم يتحرك هذا المزيج للطبقات العليا من الغلاف الجوي.

تقابل هذه الجسيمات في طريقها بخار الماء الموجود في الطبقات العليا، فيتكثف بخار الماء حولها، متحولًا إلى قطرات مائية.

تتجمع هذه القطرات المائية أولًا لتشكل السحب، التي تسقط على الأرض مرة أخرى في هيئة أمطار.

باختصار تتكون الأمطار حين تقوم الرياح بتلقيح السحب بالهباء الجوي، بنفس الطريقة التي ذكرها القرآن في الوقت الذي لم يكن يعرف فيه البشر هذه الظاهرة الطبيعية.

 

المنطقة المسؤولة عن أفعالنا

كشفت الأبحاث في السنوات الأخيرة عن دور منطقة الفص الجبهي، الواقعة في الجزء الأمامي من الجمجمة، في إدارة وظائف محددة للمخ. هذا الجزء من المخ مسؤول أيضًا عن تخطيط وتحفيز وبدء السلوك الجيد والسيئ، كما أنه مسؤول عن قول الأكاذيب والحقائق.

 

في كتاب بعنوان (مبادئ التشريح وعلم وظائف الأعضاء): "بالنسبة لتدخله في التحفيز، فمن المُعتَقد أيضًا كون منطقة الفص الجبهي هي المركز الوظيفي للعدوانية" (سيلي، ستيفانز، وتيت، مبادئ التشريح وعلم وظائف الأعضاء، صـ 211).

المعلومات الموازية لهذه الحقائق العلمية التي اكتشفها العلماء في الأعوام الستين الأخيرة، وُجِدَت في القرآن منذ أربعة عشر قرنًا: "كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ" سورة العلق 15-16.

"نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ" هو تعبير مثير للتأمل في هذه الآية، يشير هذا إلى معنى مقارب للأنشطة التي يقوم بها الجزء الأمامي من المخ.

 

جنس المولود

ما الذي يحدد جنس الجنين؟

ذُكِر في القرآن، أن اختلاف جنس المولود يتعلق بالأب. تُخلَق الذكورة أو الأنوثة  "من نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى". يتحدد الجنس إذًا عن طريق خلايا الحيوان المنوي للذكر، ولا يوجد دور للأنثى في هذه العملية.

تخبرنا هذه الآيات بذلك: "وأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى، من نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى" سورة النجم 45-46.

"ألَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى، ثمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى، فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى" سورة القيامة 37-39.

أثبتت دراسات الجينات والأحياء الجزيئية دقة المعلومات المذكورة في القرآن علميًا، يتحدد جنس المولود بناء على أي الكروموزماتX  أم Y من الوحدات الذكورية الذي يتحد مع بويضة الأنثى.

لم يكن أي من هذا معروفًا إلى أن تم اكتشاف الجينات في القرن العشرين، بل إن العديد من الثقافات اعتقدت بمسؤولية الأنثى عن تحديد جنس المولود، وهذا أحد أسباب إلقاء اللوم على النساء حين يضعن إناثًا.

كشف القرآن عن معلومات تناقض هذه الخرافات قبل أربعة عشر قرنًا من اكتشاف الجينات، بل وأشار إلى مسؤولية ماء الرجل، لا الأنثى عن جنس المولود، لهذا فإن القرآن هو كلام الله.

 

العَلَق المُلتصق بالرحم

تنشأ الخلية المُلقحَة من اتحاد الحيوان المنوي للرجل ببويضة الأنثى، مُكوِّنة أول خلية للجنين.

تبدأ هذه الخلية بالانقسام والتكاثر فورًا، لتصبح قطعة من اللحم تسمى مضغة، هذه المضغة لا تقضي فترتها التطورية في الفراغ، بل تتعلق بالر~حم، مثلما تتعلق الجذور بالأرض مستخدمة محالقها.

هنا تنكشف معجزة أخرى للقرآن، إذ أنه في إشارته لتطور الجنين في رحم الأم، يستخدم كلمة "عَلَق".

"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ" سورة العلق 1-3.

يعني لفظ "علق" في اللغة العربية "الشيء الذي يتعلق بمكان".

يُثبِت استخدام هذا اللفظ بالذات في وصف تطور الجنين في رحم الأم، أن القرآن هو كلام الله رب العالمين.

 

التفاف العضلات حول العظام

ذًكِر في القرآن أيضًا مراحل تطور الإنسان في رحم الأم: "ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" سورة المؤمنون 14.

بينت هذه الآيات بوضوح نشأة العظام أولًا، ثم التفاف العضلات حولها في رحم الأم.

حتى وقت قريب، افترض علماء الأجنة تطور عظام وعضلات الجنين في الوقت ذاته.

إلا إن التطورات التقنية التي ساهمت في إجراء الأبحاث قادت إلى نتائج دقيقة، تتشابه مع ما ذُكِر في القرآن.

في البداية، تتحجر غضاريف الجنين، ثم تتجمع خلايا العضلات من النسيج المحيط بالعظام لتلتف حول العظام.

وُصِف هذا الحدث في منشور علميّ بعنوان "تطور الإنسان":

"يحدد شكل الهيكل العظمي المظهر العام للجنين في مرحلة العظام خلال الأسبوع السابع، ولا تتطور العضلات في نفس الوقت بل تتبعهم. تتخذ العضلات مواضعها حول العظام في الجسم، وتكسوها، متخذة أشكالها وهياكلها المعروفة. تحدث مرحلة كسو العضلات للعظام في الأسبوع الثامن" (كيث ل.مور، تطور الإنسان، الطبعة الثالثة، صـ 364 أ).

باختصار، فإن مراحل تطور الإنسان كما ذكرها القرآن، تتوافق تمامًا مع النتائج الحديثة في علم الأجنة.

 

أهمية الحركة خلال النوم

يواجه الأشخاص الذين يستلقون في نفس الوضعية لمدة طويلة مشاكل صحية خطيرة.

 إذ أن ثبات الإنسان في وضعية واحدة لمدة طويلة، يزيد الضغط المتواصل على جزء واحد من الجسم، مما يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية، ومن ثم عدم وصول الأكسجين والعناصر الغذائية الأخرى للجلد، فيبدأ موت الجلد. ويظهر هذا في قرح والتهابات البشرة.

تعرف هذه القرح بـ "قرح الفراش" أو "قرح الضغط"، تتكون هذه القرح تحت الجلد أو النسيج، مسببة مضاعفات خطيرة إن لم تتم معالجتها.

وقد تؤدي إصابة هذه القرح بالعدوى إلى الوفاة.

لذا فإن تغيير وضعية الجسم من آن لآخر هو الخيار الأكثر صحة، لتقليل الضغط.

يحصل المرضى غير القادرين على تحريك أنفسهم على عناية خاصة بهذا الصدد ويتم تغيير وضع أجسادهم كل ساعتين عن طريق أشخاص متخصصين.

اكتُشِفَت أهمية الحركة أثناء النوم في القرن العشرين، بينما تم ذكرها في القرآن قبل ذلك بكثير.

"وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا" سورة الكهف 18.

تشير هذه الآية إلى أصحاب الكهف، الذين ظلوا نيامًا لمئات السنين، بالإضافة إلى ذكر أن الله حرك أجسادهم لليمين ولليسار أثناء نومهم. حقيقة الإشارة إلى هذه الحقائق الطبية في القرآن، بينما تم اكتشافها هذا القرن، ما هي إلا معجزة أخرى من معجزات القرآن.

 

القرآن وحي من الله

يُظهِر كل ما رأيناه في أفلام "الإعجاز العلمي للقرآن" حقيقة واحدة جلية: أن القرآن كتاب يحوي معلومات تبينت وتتبين صحتها، حقائق عن مواضيع علمية، لم يكن يعلم عنها الإنسان شيئًا حين نزل القرآن. كان من المستحيل الوصول لهذه المعلومات عن طريق مستوى المعرفة والتقنية في القرن السابع في شبه جزيرة العرب. هذا يثبت أن القرآن لا يمكن أن يكون كلام البشر.

يقول الله في كتابه الكريم:

"وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" سورة يونس 37-38.

 



DEVAMINI GÖSTER

اعمال ذات صلة